الأحد، 27 مايو 2018

يقظة


لسنا نُسخاً من بعضنا ولا تبع لبعضنا كذلك. خلقنا الله مختلفين في الشخصيات والتوجهات، لا لنختلف وننتقص من بعضنا البعض بل ليكمل بعضنا الآخر. لذا ليس شرطاً ان نتوافق في مواهبنا وأفكارنا وأنماط حياتنا، بل لنتقبل بَعضُنَا البعض كما نحن، بغض النظر عن مدى اختلاف وجهات النظر, ولنتفق على ما نحمل من إيجابيات وننميها بالاعتراف بها وذكرها حتى عمن لا نحب.

كما لا يجب أن ننشغل بتصنيف الآخر واعتبار كل ما يقوم به ويفكر به ويخطط له هو ضدنا ونستمر بتضييع أوقاتنا بكشف ما يسمى "بالمؤامرة"! لأن المؤامرة الحقيقة هي تأمرك على نفسك بتواطئك مع هواك على حساب مستقبلك!

ان لم تكن تعمل وتخطط فغيرك يعمل ويخطط ويتغير، فلماذا تعتبر نجاحه سقوط لك وفشله انتصار لك. لذلك أعتقد بأن كل عاجز عن العمل لا يملك الا اتهام الغير ونقدهم والانشغال بهم عن نفسه. يقضِ الناجح جُل وقته على تطوير نفسه والتنقل من إنجاز إلى آخر، بينما يقضي غيره كل أوقاتهم مجتمعين على إسقاطه ولا تخلو مجالسهم عن ذكره. والعجيب أنني لم أجالس أحدهم إلا ووجدته مظلوماً محسوداً تكاد له المكائد، ولم أقابل يوماً ما ذلك الظالم الذي ظلمهم جميعاً!

اللوم لا يفيد خاصةً إذا كان على غيرك، وليس حلاً إلا إذا كنت تلوم نفسك وتذكر "بل الانسان على نفسه بصيرة - ولو ألقى معاذيره". لذا لا تلقي باللوم كثيراً على غيرك، فمصيرك بيدك أنت بعد توفيق الله عز وجل، إن الله عدلٌ حكم، رزق كل شخص فينا بمواهب معينة وهبات مختلفة. دورنا هو أن نكتشفها بالعمل والجد والقراءة والبحث عن ذاتك من خلال تعرضك لتجارب منوعة تكتشف فيها نفسك وتجد فيها ضالتك مع السعي دائماً للتطوير والتحسين والتعلم المستمر.

لن تندم على شيء في حياتك مثل ندمك على عدم المحاولة، إذا حاولت وفشلت فلن تندم على فشلك بل ستفخر بمحاولتك ويكفيك شرف المحاولة بالإضافة إلى الخبرات التي مررت بها وان كان ظاهر الأمر سلبياً لديك إلا أنه يحمل في طياته الكثير من الإيجابية والفوائد التي ستتجلى لك لاحقاً. لذا لن يأتي اليوم الذي تلقي باللوم على نفسك لعدم المحاولة فقط!

يقول هنري ماتيس “العمل دواء كل شيء”. أبدأ من الآن، اعمل بادر ثابر واصل واصبر، لا تتوقف أبدا ولا تخدّر نفسك بإنتظار الفرصة وانتظار الظروف المناسبة لكي تبدأ، بل اصنع الفرصة واصنع الظروف واصنع الوقت. واعلم أنك لا تستطيع أن تعيد الماضي وتبدأ من الجديد كألعاب الفيديو لكن حتماً تستطيع البدء من الآن.

لا تقارن نفسك إلا بنفسك. ولا تنافس الا نفسك. انتصر على نفسك ونافس نفسك. لا معنى لإبهار الناس ما لم تبهر نفسك. كل الإنجازات والنجاحات تبدأ من تحدي النفس وتطويرها ومقارنتها بما كانت عليه بالأمس. وهذا أسمى معاني التحدي والمقارنة. والطريق لذلك طويل والمسير به متعب لكنه ممتع والنتيجة مبهرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق