الأحد، 5 أغسطس 2018

حقيقة

أكبر ما يحول بين الإنسان وبين الحقيقة هو تقديس الرموز والشخصيات التي هي أدوات فقط لنقل جزء من الحقيقة ونشرها أياً كانت هذه الحقيقة. والأدوات هي وسيلة لنقل تلك الغاية "الحقيقة" وقد يعتريها ما يعتريها من تلف وسوء استخدام وإهمال إلى آخره! ‏لذا دائماً ابحث عن الحقيقة أينما وجدت ونوّع في استخدام الأدوات ولا تُقدسها، لأنها حتماً ستتغير أو تبلى يوماً ما على نقيض الحقيقة. ‏ومن العجيب أن هذه الأدوات قد تُهاجم وتُتّهم بما فيها وما ليس فيها سواءً بقصد أو بغير قصد وذلك لعدم قبول الحقيقة أو لتكابرٍ عليها أو لجهل. فتضرب الأدوات وتحارب ويتم التركيز عليها وبينما المقصود الحقيقة، لكنها لم تُهاجم ولم تحارب لأنها أكبر من الناقد والناقل ومستحيلة الهزيمة، وهنا يخدع المتلقي!!!

وهناك مثال على إحدى هذه الحقائق وأهمها وهي "الدين" وهذي الحقيقة تمس كل شرائح المجتمع باختلاف تفكيرهم بطريقة أو أخرى. ففي مجتمع من يطلقون على أنفسهم رجال الدين - مع أنني أرى أن من الخطأ أن نقول فلان رجل دين أو أن أحدهم يمثّل الدين وهذا خطأ أكبر أيضاً، فالأصح أن نقول فلان يعكس تدينه. لأن الدين كامل والمتدين ناقص! فلا كامل إلا وجه الله عز وجل ومن عصم - حينما يخطئ أحدهم فعلى الفور وبدون علم وبحث يتم تبرير الخطأ والتستر على صاحبه وأقصد هنا خطأ ظهر علناً وصاحبه بمكان القدوة. فتُسقط الأحاديث والأدلة إما لتبرير هذا الخطأ أو لتحصين صاحبه وجعله مقدساً والحديث عنه محرماً كدماء العلماء مسمومة وغيرها الكثير والكثير من هذه الإسقاطات التي كثيراً ما تكون في غير محلها وبغير استنادٍ علمي ولا دليل شرعي. مع أن الأولى لكل من سمع عن خطأ هذا الشخص أن يلتمس له عذراً ويحسن ظناً ولا يصدر حكماً بحقه سواءً كان نفياً أو إثباتاً إلى أن تتضح الأمور وتتجلى. فالقدسية لهؤلاء الأشخاص تولّد التبعية ومن التبعية يتم التلقين. ومن هنا تنعدم أدنى مقومات النقد والتحليل لدى المتلقي "المُلّقن" ولما يدور حوله، فيصبح "أعزل فكرياً". ومن يتربى على التلقين فقط يسهل "افتراسه فكرياً".

وعلى النقيض، نجدُ من لا يتطرق للدين أبداً بشكل مباشر بل يدور حول حماه ولا يترك شخصيةً أو رمزاً دينياً سواءً من الأحياء كان أومن الأموات إلا وتعرض له بطريقةٍ هزلية مرتكزاً على أدلةً دينية وعلمية متناقضة لكنها تدعم موقفه بحجة قوية بطريقة جزئية تنطلي على كثير من الناس إذا ما لم تُبحث وتُحلّلّ، وكثيراً ما نجدهم الآن في شبكات التواصل الاجتماعي. لذا يحال أن يكون نشاط هؤلاء الأشخاص بهذه الطريقة نشاطاً فردياً، فكمية المقاطع والصور والأدلة التي يجمعونها لا يستطيع أن يقوم بها شخصاً بمفرده أياً كان، ناهيك عن تحليلها ودراستها. بالإضافة إلى طريقتهم الهزلية والإستحقارية لمصطلحات دينية بحتة وإسقاطها على أشخاص وأسماء معينة بطريقة خبيثة وماكرة وبرمزية للخروج عن أي مسائلات قانونية. وإذا قلنا جدلا أننا أمام أشخاص لديهم هذه القدرات ويستطيعون القيام بهذه المهام الأربع في آن واحد، فإننا أمام أشخاص عباقرة جداً وهذا محال ويتبين من خلال اللقاء بهم والحديث معه وجها لوجه إذا ظهروا، أو في عدم ظهورهم نهائياً بأسمائهم الشخصية فهم يقبعون تحت معرفات وحسابات وهمية! فهل هم مجرد أبواق وسعاة فتنة؟!


هناك 5 تعليقات:

  1. أوافقك الرأي...وماأكثر الأدوات التي حصلت على القدسية في زمننا هذا...
    تقبل مروري...ابو وليد

    ردحذف
  2. للأسف أراها فيمن حولي متى تندثر خرافة القدسية

    ردحذف
  3. هناك من يستمتع يتابعك بصمت( خلك معي)

    ردحذف