الأحد، 15 يوليو 2018

تأملات

لحواسنا حدود في الإدراك لا تتجاوزها، كما أنها لا تدرك كل شيء، إذ أنه قد يكون هناك حواس أخرى لا نملكها! لذلك قد نجد تفسيراً واضحاً لقوله تعالى "وما أوتيتم من العلم الا قليلا" فإدراكنا للعلم يكون عن طريقها، فهي قنوات التوصيل لعقولنا إذ ندرك من خلالها شتى علوم الحياة والكون!

فحينما نقول بأن الحواس هي مصدر الإدراك ومصدر العلوم نتذكر قوله تعالى: "ألم نجعل له عينين، ولساناً وشفتين، وهديناه النجدين". فكل هذه حواس! فهي حجة عليه وله في اختيار أحد الطريقين، لذا فهي قنوات توصيل للعقل وبالتالي يقوم العقل بعملية التمييز واتخاذ القرار. وحين يقال عن الجنة "ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر" فهذا قد يكون تأكيداً لمحدودية حواسنا الحالية!!! بالإضافة الى عظم الجنة بكل تأكيد!

وإذا ما تأملنا في قوله تعالى: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”. فهذا قد يؤكد بأن حواسنا لا تستطيع إدراك ما هيّة الروح أو أن هناك فعلاً حواس أخرى لا نملكها في الحياة الدنيا وهي التي من خلالها ندرك الروح وماهيتها وغيرها من العلوم!!

وحينما نتفكر أيضا في قول المولى عز وجل: "ولقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين" فقد يكون تقويمه في السابق قبل نزوله للأرض يختلف عن تقويمه بعد النزول، إذ كان أحسن تقويماً في الحواس فيدرك ما لا يدركه الآن. أما الآن فتقويمه في أسفل السافلين بما لديه من حواس! فحالة الإنسان الآن هي أسفل مرحلة وأعلاها حينما كان في أحسن تقويم وذلك في الجنة! وهذا المعنى قد يكون واضحاً في قوله تعالى: "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد"، فإدراك الإنسان عند الموت وحواسه أيضاً مختلفة تماماً عما كانت عليه في حياته الطبيعية!

فَخْلْقُ الإنسان الآن بكل مكوناته خلق دنيوي يتناسب مع الحياة الدنيا بينما كان في الجنة قبل نزوله للدنيا مختلفاً عما هو عليه الآن فقد أخبرنا الله جل وعلى عن ذلك في قوله: "فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة". فهذه إشارة واضحة إلى اختلاف الخلق على مستوى الجسد، فما بالك بالروح والنفس! وسوف يكون أيضاً خلقه في الجنة بعد الحياة الدنيا مختلفاً عما هو عليه الآن فإنه لا يعرق ولا يظمأ وعمره ثابت لا يتغير.... إلى آخره.

أنا هنا لا أطلق أحكاماً ولا أفسر ولا أنفي تفسيراً سابقاً لعلماء أجلاء، كما أنني لا أواجه نصاً قرآنيا وكيف لي! وإنما أطرح تساؤلات وأتأمل وأتفكر بأداة رزقنا الله إياها وهي العقل، ولم ينهنا عن استخدامها واستعمالها. بل إن لنا الحرية الكاملة في التفكر والتأمل. وطالما أن هذه التأملات لا يصدر عنها حكماً فقهياً ولا قدحاً عقدياً، فلا أرى بأن هناك مانعاً في نشرها وألا تكون حبيسةً عند صاحبها، فهي مجرد خواطر وتأملات. فقد تكون سبباً لفتح آفاقٍ كثيرة على كاتبها وعلى من يقرأها. كما أنني لا أجزم بأن كل ما قلته هنا صحيحاً ولا كل ما قلته خطأ، وقد أغير رأيي فيما كتبت في أي لحظة كانت، إذا ما توفرت لدي المعلومة الصحيحة. هي دعوةٌ للتفكّر والتأمل وأن يستخدم الإنسان عقله لا أن يسلمه لغيره تسليماً كلياً، وكثيراً ما أمرنا الشارع بهذا وحثنا عليه، فنحن أمام نهر لا ينضب وليس حكراً على أحد، ولا يستطيع كائنا من كان أن يفسده أو يوقفه!!!









هناك 4 تعليقات: